15 Jul 2011

شغف مراسلة تويترية - فوربز ميدل إيست







شغف مراسلة تويترية





في الغالب يقدم الصحافيون الحقائق فقط، إلا أن مراسلة الجزيرة ديمة الخطيب تعرض أيضا وجهات نظرها بخصوص  هذه الحقائق، فقد عثرت على المنصة المثالية لتعبر من خلالها عن وجهات النظر هذه



كانت ديمة الخطيب مشغولة جدا يوم الإثنين الموافق 20 حزيران/ يونيو 2011 بتحديث صفحتها على (تويتر) بشكل كبير. كان ذلك خلال الخطاب الثالث للرئيس السوري بشار الأسد عقب بدء المظاهرات في سوريا منذ 3 شهور، حيث كانت تعنون ما يقوله الرئيس في خطابه على صفحتها على (تويتر) مباشرة.

كانت يومها كأنها وكالة أنباء تلفازية، توافيك بملخصات عما يدور في الخطاب، لكن بلا صوت أو صورة. ظهر حماس الخطيب من خلال عدد التغريدات التي كتبتها في ذلك الوقت، وبمدى تفاعلها مع التويتريين الآخرين، فقد كان من الممكن أن تنقل لك حماسها من خلال كلماتها على الشاشة. هذا الحماس هو ما جعلها من الشخصيات النشيطة على هذا الموقع.

خبرة الخطيب التويترية ليست بالطويلة؛ فمنذ 8 أشهر فقط وجدت لنفسها المنصة المناسبة التي تستطيع من خلالها التحدث والتعبير عن أفكارها بكل ارتياح. وتقول الخطيب: "أنا إنسانة عاطفية، وأكتب من القلب". وماذا كانت النتيجة؟ 47 ألف مستخدم يتابعون صفحتها على (تويتر) في هذا الزمن القياسي.

لم تكن الـ8 أشهر هذه عادية، حيث انطلقت خلالها الثورات العربية، وكانت الخطيب على رأسها جميعا، ساهرة على تحديث الأخبار حال حدوثها، دقيقة بدقيقة، حتى أنها كانت تقوم بتحديث تغريداتها في الوقت نفسه الذي كان موقع (ويكيليكس) ينشر أولى وثائقه حول الوضع في تونس، وقد تابعت كل الأحداث وقامت بتحديثها على (تويتر) خطوة بخطوة، ما أدى إلى حظر حساب (تويتر) الخاص بها في تونس. إلا أنها واصلت نشاطها في الوقت الذي تطورت فيه الثورة التونسية لتكون أول ثورة ناجحة في عصرنا هذا، وتمثل نقطة الانطلاق لباقي الدول العربية. تقول الخطيب: "أعتقد أني كنت من أكبر المرتادين في العالم لصفحة الثورة التونسية على (تويتر) (هشتاق سيدي بوزيد- hashtag Sidibouzid)".

عندما انتقلت أمواج الثورة من تونس الخضراء إلى مصر، انتقلت معها تغريدات الخطيب لتغطي الأخبار فور حدوثها تقول الخطيب: "بالكاد كنت أنام خلال 19 يوما من الثورة في مصر، فكل ما كان هنالك أنا و(تويتر) والثورة. فقدت خلالها 5 كيلوغرامات من وزني". كانت الخطيب على اتصال بنشطاء الثورة المصرية من خلال تغريداتها العابرة للقارات من فنزويلا، والتي تبعد أكثر من 10 آلاف كيلومتر عن ساحة الأحداث، لم تكن المراسلة النشيطة تجد وقتا لقضائه مع عائلتها خلال إجازاتها السنوية ولا حتى للأكل أو النوم، فقد كانت منهمكة في تغطية الأحداث لدرجة أن المصريين اعتقدوا أنها من أصل مصري.

كان مستوى النشاط في صفحة الخطيب مثيرا جدا للاهتمام، ففي خلال 8 أشهر وصل عدد تغريداتها إلى أكثر من 31 ألف. وعندما سألنا الخطيب عن معدل الوقت الذي تقضيه في استخدام (تويتر) كل يوم، تجيب: "يمكن أن يتراوح ما بين ساعة واحدة إلى 24 ساعة!" فلا يكفي أن تكون نشطا حتى تكون شخصا مؤثرا عبر (تويتر)، فيجب أن تكون متفاعلا أيضا، وبالنسبة للخطيب، فقد كان مستوى تفاعلها مع المتصلين عاليا جدا، حيث تتواصل مناقشاتها وحواراتها مع الجميع دون توقف، حتى إنك تشعر برغبتها الكبيرة في معرفة المزيد عن رواد صفحتها والمتصلين الآخرين، وخصوصا أنها تنظم النشاطات واللقاءات عبر (تويتر) من خلال حسابها، وتلتقي بهم كلما كانت موجودة في المنطقة.

نشاط الخطيــــب عبــــــر خدمــــة (تويتر)، شجعهــا على إنشــاء مدونة خاصة بها (www.dimakhatib.com)، لتدخل الخطيب من خلالها إلى فضاء التدوين، إضافة إلى تحميل الصور التي تتعلق بكل ما ترى أنه مثير خلال رحلاتها، حيث تصف رحلاتها في دول العالم العربي خطوة بخطوة. لكن يبقى (تويتر) هو الأداة الأساسية التي تستخدمها الخطيب لممارسة نشاطها. تقول الخطيب: "(تويتر) الآن هو الأداة الأساسية لممارسة أعمالي اليومية كمراسلة (...)، وإن مر يوم دون أن استخدم (تويتر) أشعر وكأني تائهة".

دائما يبرز عمق الهوية العربية لدى الخطيب على الرغم من إتمام دراستها في جنيف، وقدرتها على التحدث بأكثر من 6 لغات (تشمل اللغة العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، البرتغالية والألمانية)، وعلى الرغم من أنها عاشت معظم حياتها في الخارج. وتظهر هويتها العربية بشكل خاص تجاه القضايا التي تنادي بالحرية، وتدفع باتجاه التغيير. لقد أدركت الخطيب أن (تويتر) يضم مستخدمين عربا من الذين يستطيعون قيادة التغيير وأن الموقع استطاع أن يبني ما وصفته بـ"المنطقة العربية المتحدة"، الذي يطمح الكثيرون إلى أن تصبح حقيقة قائمة وليس مجرد حلم على شبكة الإنترنت.

من الجدير بالذكر أن الخطيب تشغل منصب "مدير مكتب شبكة الجزيرة في أمريكا اللاتينية"، وتراسل من فنزويلا، البعيدة عن المشهد العربي جغرافيا. إلا أنه من الناحية السياسية، من المعروف أن رئيس فنزويلا هوغو شافيز طالما كان متابعا للتطورات في الشرق الأوسط، ولم يخش مطلقا من إبداء آرائه، وخصوصا فيما يتعلق بقضايا مثل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ومؤخرا قضية الانتفاضة الليبية. غالبا ما تنشر الخطيب تصريحات شافيز على قناة (الجزيرة). وتقول في مقطع فيديو تم نشره على الـ(يوتيوب) حول حرب العراق: "نحن (في إشارة إلى قناة الجزيرة) لا نفكر، نحن فقط نقدم المعلومات. أنا أفكر، لكن ليس قناة (الجزيرة)".

وتشير الخطيب أيضا في صفحتها على موقع (تويتر) إلى أن أراءها تخصها وحدها، ولا تعبر عن رأي قناة (الجزيرة).

وحيث إن موقع وجود الخطيب الحالي المسجل على (تويتر) هو فنزويلا، كان سببا في عدم ظهور اسمها في تصنيفنا. على الرغم من عدم إدراج الخطيب والكثير من المستخدمين العرب المؤثرين عبر (تويتر) في التصنيف، إلا أن الخطيب تعتبر شخصية قوية جدا. لقد تقدمت الخطيب كثيرا في عالم (تويتر)، وأضافت مساهمات بارزة خلال الاضطرابات في الشرق الأوسط.

ووصلت شعبية الخطيب لدرجة أنها عندما غيرت صورتها المبتسمة، هلت التعليقات على الخطيب مطالبة إياها بإعادة الصورة. أحد أطرف التعليقات التي وصلت لصفحة الخطيب كانت "الشعب يريد ابتسامة الخطيب"، وتعليق آخر حزينا يقول: "لقد فقدنا أكبر ابتسامة على (تويتر)".

نشر في العدد التاسع -يوليو/تموز 2011


No comments: